{قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ} يعني في الأرض تعيشون، {وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ} أي: من الأرض تخرجون من قبوركم للبعث، قرأ ابن عامر وحمزة والكسائي: {تُخْرَجُونَ} بفتح التاء هاهنا وفي الزخرف، وافق يعقوب هاهنا وزاد حمزة والكسائي: {وكذلك تخرجون} في أول الروم، والباقون بضم التاء وفتح الراء فيهن.{يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ} أي: خلقنا لكم {لِبَاسًا} وقيل: إنما قال: {أنزلنا} لأن اللباس إنما يكون من نبات الأرض، والنبات يكون بما ينزل من السماء، فمعنى قوله: {أَنْزَلْنَا} أي: أنزلنا أسبابه. وقيل: كل بركات الأرض منسوبة إلى بركات السماء كما قال تعالى: {وأنزلنا الحديد} [سورة الحديد، 25]، وإنما يستخرج الحديد من الأرض.وسبب نزول هذه الآية: أنهم كانوا في الجاهلية يطوفون بالبيت عراة، ويقولون: لا نطوف في ثياب عصينا الله فيها، فكان الرجال يطوفون بالنهار والنساء بالليل عراة.وقال قتادة: كانت المرأة تطوف وتضع يدها على فرجها وتقول:اليَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ *** وَمَا بَدَا مِنْهُ فَلا أُحِلُّهُفأمر الله سبحانه بالستر فقال: {قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ} يستر عوراتكم، واحدتها سوأة، سميت بها لأنه يسوء صاحبها انكشافها، فلا تطوفوا عراة، {وَرِيشًا} يعني: مالا في قول ابن عباس ومجاهد والضحاك والسدي: يقال: تريش الرجل إذا تمول، وقيل: الريش الجمال، أي: ما يتجملون به من الثياب، وقيل: هو اللباس.{وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} قرأ أهل المدينة وابن عامر والكسائي {ولباس} بنصب السين عطفا على قوله: {لِبَاسًا} وقرأ الآخرون بالرفع على الابتداء وخبره {خَيْرٌ} وجعلوا {ذَلِكَ} صلة في الكلام، ولذلك قرأ ابن مسعود وأبي بن كعب {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ}.واختلفوا في {وَلِبَاسُ التَّقْوَى} قال قتادة والسدي: لباس التقوى هو الإيمان. وقال الحسن: هو الحياء لأنه يبعث على التقوى.وقال عطية عن ابن عباس: هو العمل الصالح. وعن عثمان بن عفان، أنه قال: السمت الحسن.وقال عروة بن الزبير: لباس التقوى خشية الله، وقال الكلبي: هو العفاف. والمعنى: لباس التقوى خير لصاحبه إذا أخذ به مما خلق له من اللباس للتجمل.وقال ابن الأنباري: لباس التقوى هو اللباس الأول وإنما أعاده إخبارا أن ستر العورة خير من التعري في الطواف.وقال زيد بن علي: لباس التقوى الآلات التي يُتقى بها في الحرب كالدرع والمغفر والساعد والساقين.وقيل: لباس التقوى هو الصوف والثياب الخشنة التي يلبسها أهل الورع. {ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ}.